رغم القمع الإسرائيلي، “حملة لستم وحدكم” مستمرة في دعم المزارعين
Posted inغير مصنفمن فلسطين

رغم القمع الإسرائيلي، “حملة لستم وحدكم” مستمرة في دعم المزارعين

للسنة السابعة عشرة على التوالي، تستمر “حملة لستم وحدكم” بدعم المزارعين خلال موسم قطف الزيتون لدعم صمودهم في أراضيهم بالرغم من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال الإسرائيلي. حملة لستم وحدكم هي حملة قائمة على التكافل والتطوع انطلقت عام 2003 لدعم المزارعين في الوصول الى أراضيهم في موسم قطف الزيتون للوصول الى أراضيهم في المناطق المهددة بالمصادرة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

ابتداءا من التاسع من تشرين الأول وحتى الرابع والعشرين من نفس الشهر، قامت الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان بالتعاون مع اتحاد المزارعين الفلسطينيين، والمنتدى الشبابي الفلسطيني والمنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني، وجمعية جدايل للفن والثقافة، ومنتدى الثقافة في بيت عنان ومركز العودة بتنظيم أيام تطوع من أجل قطف الزيتون في قرى ديراستيا ويانون وعزبة شوفا وعقربة وجيوس وبدو وإذنا وسنجل. يواجه الفلسطينيين في القرى المستهدفة هجمات عنيفة تشنها قوات الاحتلال لمصادرة أراضيهم لبناء المستوطنات غير الشرعية وتوسيعها.

Image

الة القمع الإسرائيلية: جدار غير مرئي بين الفلسطينيين وأراضيهم

في العاشر من شهر تشرين الأول شارك متطوعوا حملة “أنتم لستم وحدكم” المزارع الفلسطيني سليم وعائلته من قرية يانون قضاء نابلس لقطف أشجار الزيتون التي تملكها العائلة. وفي تعليقه على أهمية حشد جهود المتطوعين لمساعدة المزارعين قال سليم:

يهاجمنا المستوطنون الإسرائيليون الذين يسكنون في مستوطنة إتمار المجاورة باستمرار خلال موسم قطف الزيتون. وبالطبع لا تقتصر اعتداءاتهم علينا خلال موسم قطف الزيتون وإنما يهاجم المستوطنون المسلحون بيتي والحقل المحيط به على الدوام، وعادة ما أزرع في ذلك الحقل خضروات لتسد حاجتي وأبنائي.   لكن المستوطنين لم يتركوا الحقل وشأنه بل أحضروا مواشيهم لترعى الخضراوات المزروعة. وبسبب مثل تلك الهجمات من قبل المستوطنين على أشجار الزيتون، أعتقد أن دعم المتطوعين لنا أمر مهم حتى يتسنى لنا الانتهاء من قطف أشجار الزيتون قبل أن يهاجمها المستوطنون.  

Image

وقبل بدأ موسم قطف الزيتون بثلاثة أيام تزايدت اعتداءات مجموعات المستوطنين المتطرفة على أراضي الفلسطينيين حيث دمروا الكثير من أشجار الزيتون في مناطق متفرقة من الضفة. على سبيل المثال، قام مستوطنون إسرائيليون برفقة جنود الاحتلال باقتلاع ما يقارب 200 شجرة زيتون وتين وليمون في خلة حسن في بلدة بديا بمحافطة سلفيت. ويخطط كيان الاحتلال الإسرائيلي لمصادرة منطقة خلة حسان، ولكن أهالي البلدة ونشطاء المقاومة الشعبية قاموا بمظاهرات عدة حتى تمكنوا من إزالة البؤرة الاستيطانية التي أقامها المستوطنون في المنطقة بحماية من جنود الاحتلال كجزء من التمهيد لمصادرتها.

ولم يتوانى المستوطنون للحظة عن تدمير أشجار الزيتون خلال موسم القطاف.  اقتلعت مجموعة من المستوطنين اثنتي عشرة شجرة زيتون في كفر الديك بمحافظة سلفيت. وفي اليوم التالي، قام المستوطنون الذين يعيشون في مستوطنة ليشم غير الشرعية المقامة على أراض سرقت بالقوة من الفلسطينيين الذين يعيشون في قريتي دير بلوط وكفر الديك بمحافظة سلفيت بتدمير أكثر من خمسين شجرة زيتون.

Image

ويهدف نظام الفصل العنصري “الإسرائيلي” إلى خلق حائط غير مرئي من الخوف يحجب الفلسطينيين عن أراضيهم من خلال العنف المتكرر التي يرتكبها جنود الاحتلال والمستوطنون ضد الفلسطينيين. 

ومنذ ثماني سنوات تقريباً عندما بدأت “إسرائيل” بناء جدارها الذي يبلغ طوله 770 كم، فقد آلاف من الفلسطينيين أراضيهم ومحاصيلهم من الزيتون الواقعة خلف الجدار. ولوصول المزارعين إلي تلك الأراضي خلال موسم قطف الزيتون فهم بحاجة إلى تصريح “إسرائيلي” والذي يكون عادةً صالحاً لفترة محدودة من الزمن والتي لا تسمح للفلسطينيين بقطف الزيتون عن جميع الأشجار وزراعة أراضيهم.

وكلا الجدارين، الجدار النفسي الذي ينشر الخوف وجدار الفصل العنصري انعكاس للنظام الاستعماري الاستيطاني “الاسرائيلي”. إن الأشكال المتنوعة للجدران التي تضطهد وتذل وتحتقر وتقهر الفلسطينيين هي الوسائل التي من خلالها يحرصون على انجاح مشروع البانتوستانات وهي سياسة استعمارية تحاكي في شكلها وأساليبها  الأنظمة الاستعمارية الأُخرى مثل المناطق التي كانت يتركز  فيها السكان الأصليين في جزيرة السلحفاة ، وهي الاسم الذي كان يطلقه السكان الأصليين على بلادهم قبل أن تستعمر ويتحول اسمها الى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، حيث تعتبر مثل هذه المناطق سواء البانتوستانات في فلسطين أو المحميات في جزيرة السلحفاة طريقة للسيطرة على “الاخر” الأدنى مرتبة في نظر المستعمر. 

“حملة لستم وحدكم”: المحافظة على “العونة”، أحد أشكال التكافل في فلسطين

نسعى من خلال “حملة لستم وحدكم” الى تجاوز محاولات الاحتلال الممنهجة لشرذمة شعبنا من خلال إقامة الجدران، والحواجز العسكرية والطرق الإلتفافية واغلاق الطرق.  وبالنسبة للفلسطينيين، يعد موسم قطف الزيتون فرصة لاجتماع أفراد العائلة والأصدقاء والجيران مع بعضهم البعض لقطف الزيتون.   تعد العونة من أبرز الظواهر التي تؤكد على القيم المشاركة والتكافل خلال موسم قطف الزيتون. تتلخص فكرة العونة في قيام العائلات التي تنتهي من قطف أشجار الزيتون خاصتها خلال موسم القطاف بمساعدة الأصدقاء والجيران حتى ينتهوا من قطف أشجارهم. وبدورها تعمل “حملة لستم وحدكم” على الحفاظ على قيم التعاون هذه من الطمس في ظل ما يواجهه الفلسطينييون من تدمير لاراضيهم وعنف المستوطنين.

وتعتبر هذه الجهود الجماعية التطوعية التي يعيشها الفلسطينيون كل سنة جزء من جهود الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في دعم صمود المزارعين الفلسطينيين في المناطق المهمشة والمهددة بالمصادرة. وكما تدعم هذه الحملة المزارعين اقتصاديا عندما يتمكنون من قطف أشجار الزيتون التي تعد موسم دخل للكثير منهم اعتداءات المستوطنين والجنود. ويعتبر زيت الزيتون جزء جوهري من الأمن الاقتصادي الفلسطيني. ويعرف زيت الزيتون الفلسطيني قديماً وحديثاً على أنه جزء أساسي من نظام الغذاء الفلسطيني.  وبالنسبة للعائلة الفلسطينية، إذا استطاعت تأمين ما يكفي من الزيت حتى الموسم القادم، تكون حققت اكتفاءا ذاتيا وأمنا غذائيا.

هذه المقالة هي ترجمة لمقالة نشرت في الرابع عشر من شهر أكتوبر، 2020 (14/10/2020).