أصدرت الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان الخريطة الأكثر تفصيلا عن خطة ترامب للسلام والتي تعرف باسم صفقة القرن، بما في ذلك شرح مفصل عن الخريطة. تظهر الخريطة والشرح المفصل عنها كيف أن صفقة القرن لضم الضفة الغربية تستند بالأساس على خطط الضم الاسرائيلية الموجودة سابقا.
ان ضم الاحتلال الاسرائيلي ما نسبته 33٪ من الضفة الغربية، سيترتب عليه ضم أكثر من 75 قرية فلسطينية وتجمع بدوي والتي يبلغ مجموع سكانها 118 ألف نسمة. وسيتم ضم تلك المناطق بدون اعطاء سكانها حقوق المواطنة الكاملة. سيتم بناء المزيد من الشوارع الالتفافية والشوارع التي يمر منها اليهود فقط بينما لا يسمح للفلسطينيين بالمرور من تلك الشوارع، وسيتعذر وصول الفلسطينيين الى معظم موارد المياه الموجودة في الضفة الغربية وسيتم ضم معظم الأراضي القابلة للزراعة بحيث يتم تدمير هذا القطاع كمصدر دخل للكثير من الفلسطينيين.
يتضح من خلال الخريطة كيف أن انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي التي لا نهاية لها لحقوق الإنسان، بما في ذلك بناء جدار الفصل العنصري والمستوطنات وهدم المنازل ومصادرة الأراضي ووضع نقاط التفتيش والحواجز العسكرية المهينة للفلسطينيين وحرمانهم من الوصول إلى مصادر المياه، كانت جزءا من الضم التدريجي والفعلي للضفة الغربية على مدار أكثر من خمس عقود.
تستند هذه الخريطة إلى الوثيقة الأصلية المرفقة بخطة ترامب المعروفة باسم “صفقة القرن”. ان عدم وجود تفاصيل في الخرائط المدرجة في الوثيقة الأصلية هذه لا يسمح للفرد بفهم التأثير الكامل للخطة المقترحة في صفقة القرن. تعتم خريطة ترامب على تفاصيل مهمة تتعلق بالضم، خاصة فيما يتعلق بالأنفاق التي ينوي الاحتلال الاسرائيلي بناؤها كجزء من عملية الضم. أعدت الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان هذه الخريطة بالتعاون مع جان دي يونغ الخبير في الجغرافيا السياسية لفلسطين بناءً على الرحلات الميدانية المكثفة لمناطق مختلفة من الضفة الغربية قام بها السيد يونغ خلال الأشهر القليلة التي سبقت اعداد الخريطة. تقدم هذه الخريطة معلومات تفصيلية عن التحولات الجيوسياسية والوقائع الجديدة التي ستنشأ نتيجة لخطة الضم الإسرائيلية-الأمريكية.
واقع البانتوستانات في الضفة الغربية المحتلة
– تظهر الخريطة أن مشروع كيان الاحتلال الاسرائيلي الاستعماري الاستيطاني، المنعكس بالكامل في خطة ترامب التي تعرف باسم “السلام من أجل الازدهار” أو صفقة القرن، يعرقل بالكامل قيام دولة فلسطينية في المستقبل. وبدلاً من ذلك، تعزز خطة الضم هذه نظام البانتوستانات التي تركز وجود الفلسطينيين في أماكن مزدحمة تحيطها المستوطنات الاسرائيلية وجدار الفصل العنصري والحواجز العسكرية من كل جانب. يشبه نظام البانتوستانات القائم الى حد كبير البانتوستانات التي كانت موجودة في جنوب افريقيا والتي كانت الأساس الذي ارتكز عليه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لإقصاء السكان السود في مناطق معزولة تفتقر الى أدنى متطلبات التنمية المستدامة، وكذلك تشبه بانتوستانات الضفة الغربية المحميات التي تعزل السكان الأصليين عن المستوطنين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، حيث كانت هذه المحميات نموذجا للنظام العنصري في جنوب افريقيا والكيان الصهيوني.
– ينتهك واقع البانتوستانات المفروض على الفلسطينيين المبادئ الأساسية للقانون الدولي مثل عدم السماح بضم أراض محتلة بالقوة، والحق في تقرير المصير، ويزيد كذلك من ترسيخ نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني، والذي فرضه كيان الاحتلال بشكل فعلي على الشعب الفلسطيني بأكمله.
– تظهر الخريطة كيف يحاول الاحتلال الاسرائيلي بخطة الضم هذه تمزيق المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، وهي أحد استراتيجيات الهيمنة الاستعمارية كجزء من سياسة فرّق تسد. بحسب الخريطة، سيبقى قطاع غزة معزولاً بالكامل عن باقي مناطق الضفة الغربية وسيتم ضم منطقة E1 (شرق القدس) والذي سيؤدي الى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. وبذلك يزيد الاحتلال من وجود اليهود في القدس على حساب الوجود الفلسطيني من خلال ما يعرف باسم الهندسة الديمغرافية.
– تكشف الخريطة الوتيرة المتزايدة لسرقة الاحتلال الاسرائيلي لأراض فلسطينية ذو أهمية جيوسياسية لضمان سيادة كيان الاحتلال الفعلية على كل أراضي فلسطين التاريخية ومواردها.
ضم الضفة الغربية بحكم الواقع وبحكم القانون
ان إجراءات ضم الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، أي على أرض الواقع مستمرة، على الرغم من أن كيان الاحتلال زعمبعد الضم القانوني لمرتفعات الجولان السورية والقدس في بداية الثمانينيات أنه يمتنع عن الضم بحكم القانون. يتعامل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والمشروع الاستيطاني بأكمله مع الأراضي الفلسطينية المحتلة بحكم الأمر الواقع كأراض تحت السيادة الاسرائيلية الكاملة. أكدت محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر عام 2004 بعدم شرعية الجدار. وذكرت محكمة العدل الدولية أن “المحكمة تعتبر أن بناء الجدار والنظام المرتبط به يخلق” أمرًا واقعًا “على الأرض يمكن أن يصبح واقعا دائما، وفي هذه الحالة، وبغض النظر عن الوصف الرسمي للجدار من قبل إسرائيل، فإنه سيكون بمثابة خطوة للضم الفعلي.”
جدار الفصل العنصري والبنية التحتية لنظام المواصلات
يعد جدار الفصل العنصري الاسرائيلي محور أساسي في خطة الضم.
– كان الجدار ولا يزال ركيزة أساسية لعملية الضم. تتداخل حدود الضم المقترحة في خطة ترامب مع مسار الجدار. ان الذي يظهر على الأرض هو أن الجدار قد جعل الضم أمرا واقعا بالفعل. ولكن خطة الضم الحالية تتجاوز المناطق التي ضمها الجدار (انظر/ي على وجه الخصوص الى القرى الواقعة في شمال غرب القدس وشرق القدس في منطقة E1 وفي غرب رام الله). يتضح من الخريطة أن جدار الفصل العنصري هو أداة أساسية لتطويق التجمعات السكانية الفلسطينية الأكبر في منطقة معزولة، وذلك لتجنب أي احتمال لجعل السكان يتمتعون بحقوق المواطنة كباقي الاسرائيليين في المناطق التي سيتم ضمها. في نهاية المطاف، سيتم إجبار السكان على الخروج من هذه المناطق بشكل تدريجي من خلال السياسات العنصرية لسلطات الاحتلال.
– إن نظام النقل والمواصلات بحسب خطة الضم يعتمد على الأنفاق والجسور لإبقاء الفلسطينيين منفصلين عن الاسرائيليين، نظام الفصل العنصري الحالي المتعلق بالطرق والشوارع الالتفافية يدمر نظام الطرق التاريخية في فلسطين والجغرافيا كما ويتعدى هذا النظام الخاص بالنقل والمواصلات على الأراضي الفلسطينية. سيتعين على الفلسطينيين المسافرين من رام الله إلى نابلس المرور عبر طرق طويلة جديدة من خلال سلفيت (عبر نفق) للحفاظ على نظام استعماري استيطاني عنصري يسعى إلى منع مرور الفلسطينيين عبر كتلة شيلو الاستيطانية التي سيتم ضمها. ينطبق ذات الأمر على الطرق التي تربط بين نابلس وقلقيلية / طولكرم، وبين الخليل ومناطق أخرى في وسط الضفة الغربية.
– تظهر الخريطة أنه من خلال ضم المنطقة الواقعة غربي طريق المستوطنين رقم 446 (موديعين – أريئيل) ورقم 45 (موديعين – القدس) تصمم سلطات الاحتلال على الاستيلاء على مناطق وخطوط مواصلات ذات بعد استراتيجي مهم، متجاهلة بذلك الفلسطينيين من سكان تلك المناطق، على الرغم من وجود عدد كبير من الفلسطينيين هناك.
التهجير-النكبة المستمرة
– تقع حوالي 75 قرية فلسطينية وتجمع بدوي يبلغ عدد سكانها حوالي 118000 نسمة في المناطق التي سيتم ضمها وفقًا لخطة ترامب. يعاني السكان في تلك المناطق المستهدفة منذ عشرات السنين من إجراءات الضم الفعلي وهم سيضطرون أيضا الى مجابهة ضم أراضيهم بحكم القانون. وتتمثل معاناة الفلسطينيين الدائمة في المناطق التي تواجه خطر الضم الرسمي الوشيك بمنع سلطات الاحتلال الفلسطينيين من البناء وعدم الاعتراف بوجود تجمعات سكانية بأكملها. أدى ذلك على مدى السنوات العشر الماضية إلى هدم 4906 منشأة من قبل الاحتلال الاسرائيلي (تشرد 6921 شخصًا) في المنطقة المصنفة ج، هذا الى جانب هدم 1226 مبنى أدت الى تهجير 2003 شخصًا؛ ومن اجراءات الضم الفعلي على أرض الواقع أيضا فرض تدابير العزل ونظام التصاريح حتى لا يتمكن الفلسطينيون من الوصول الى أرضهم والإقامة عليها؛ وحرمان الفلسطينيين من الوصول الى الموارد الطبيعية.
– لا يزال الوضع المستقبلي للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق التي سيتم ضمها غير واضح. تصر الحكومة الإسرائيلية على أنها لن تمنح الجنسية الإسرائيلية لهم ولا “الإقامة الدائمة” للفلسطينيين، كما هو الحال مع الفلسطينيين الذين يسكنون القدس الشرقية، وبالتالي سيظل الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه المناطق تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة. سيستمر نظام الفصل العنصري والنظام الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي في معاملة الفلسطينيين على أنهم ليسوا مواطنين في “اسرائيل”، بينما يعامل المستوطنين الإسرائيليين الذين يعتبر وجودهم غير شرعي في المستوطنات المبنية على أراضي الفلسطينيين بحسب القانون الدولي كمواطنين في منطقة وسع كيان الاحتلال من سيطرته القانونية الكاملة فيها.
الدمار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي
إن منع تطور ونهوض الفلسطينيين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية هو عنصر آخر من عناصر جريمة الفصل العنصري التي يدينها القانون الدولي بينما تعززها سياسات وخطط الضم الاسرائيلية برعاية أمريكية غير مشروطة.
– الحرمان من الوصول إلى المياه: تقع موارد المياه الرئيسية في المناطق التي سيتم ضمها وفقًا لخطة ترامب. يتواجد ما نسبته 60٪ من موارد المياه في الضفة الغربية في الأغوار الفلسطينية وكذلك 90٪ من مياه الينابيع. يضطر الفلسطينيون حاليا لشراء 80٪ من المياه التي يستهلكونها من شركة المياه الوطنية الإسرائيلية (ميكوروت) بأسعار مرتفعة. وستزيد خطة ترامب للضم بحكم القانون من اعتماد الفلسطينيين على شراء المياه من شركة ميكوروت.
– إن ضم منطقة البحر الميت بالكامل سيسمح للاحتلال الاسرائيلي باستغلال المعادن المستخرجة من البحر بشكل أكبر، مما يؤدي إلى استخراج المزيد من الموارد وتدمير البيئة.
– تدمير الزراعة: يتواجد ما يقارب 50 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في المناطق التي سيتم ضمها. أما بالنسبة للأراضي الزراعية التي ستبقى بيد الفلسطينيين فلن تعود صالحة للزراعة حيث لن يسمح الاحتلال بوصول المياه لري المزروعات فيها. كما وسيتم ضم جميع الأراضي المخصصة لتربية المواشي تقريبًا (منطقة الأغوار الفلسطينية، شرق القدس، جنوب الخليل).
– إن تمزيق المناطق الفلسطينية عبر الطرق المخصصة لليهود فقط والمستوطنات وجدار الفصل العنصري والخط الأخضر يمنح كيان الاحتلال الاسرائيلي سيطرة مطلقة على حركة البضائع والأشخاص.
– إن تدمير قطاعي الزراعة وتربية الحيوانات، وهو نمط الحياة الذي تمارسه المجتمعات البدوية في الغالب والعراقيل الموضوعة أمام التجارة سيؤثران على البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للفلسطينيين.
– سيكون كيان الاحتلال هو المستفيد النهائي من تدمير الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية لأن الفلسطينيين سيعتمدون كليًا على اقتصاده.
مناطق ستمنح للفلسطينيين كتعويض عن المناطق التي سيتم ضمها
– إن مفهوم “مقايضة الأراضي” في ظل وجود الاحتلال ينتهك القانون الدولي، من بين قوانين أخرى لأنها تتضمن الاعتراف بالمستوطنات غير القانونية، والتي من واجب المجتمع الدولي ادانتها والعمل على ازالتها.
– المناطق التي سيتم ارجاعها للفلسطينيين والواقعة جنوب محافظة الخليل والقريبة من غزة هي مناطق صحراوية. أيضا، ستصبح منطقة ‘المثلث الجنوبي’ في الجليل (قرى كفر قرع، باقة الغربية، عرعرة، أم الفحم، الطيبة، الطيرة، قلنسوة، كفر برا، كفر قاسم، جلجولية)، ويبلغ عدد سكانها حوالي 260.000 من حملة الهوية الاسرائيلية جزءا من “الدولة الفلسطينية”. كانت سبعة عقود من عملية نهب الأراضي كفيلة بحرمان سكان المثلث الجنوبي من معظم أراضيهم، وتحويل تلك المناطق الى بانتوستانات كجزء من الدولة الفلسطينية يتناغم بشكل أساسي مع الايدولوجية الصهيونية العنصرية المتعلقة بالديمغرافيا – للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي مع أقل عدد ممكن من الفلسطينيين.